جميع حقوق النشر محفوظه ولا يجوز إستخدام أى من هذه المواد المنشوره أو نسخها إلا بإذن خطى من الناشر

28‏/12‏/2013

الدين والإله والتحليل النفسى (2)



 تكملة لرأى فرويد يرى الدين ينبع من عجز الانسان في مواجهة قوى الطبيعة في الخارج  والقوى الغريزية داخل نفسه 
 وينشأ الدين في مرحلة مبكرة من التطور الإنساني عندما لم يكن الانسان يستطيع آن يستخدم عقله بعد فى التصدي لهذه |لقوى الخارجية والداخلية ولا يجد مفرا من كبتها  آو التحايل عليها مستعينا بقوى عاطفية أخرى ٠
وهكذا بدلا من ان التعامل مع هذه القوى عن طريق العقل يتعامل معها بعواطف مضادة بقوى وجدانية أخرى
تكون وظيفتها هى الكبت او التحكم فيما يعجز عن التعامل معه عقلانيا ٠
وفى هذه العملية  ينمى الانسان ما يطلق عليه فرويد اسم الوهم »
 وهذا الوهم تؤخذ مادته من تجربته الفردية الخاصة عندما كان طفلا ٠ اذ يتذكر الانسان حين يواجه قوى خطرة لا سبيل الى السيطرة عليها أو فهمها
 إذ يتذكر الانسان الى تجربة مر بها وهو طفل  حينما كان يشعر ان أباه يحميه
 أباه الذى يعتقد أنه أوتى حكمة عالية
وقوة  وهو يستطيع أن يكسب أبيه بإطاعة أوامره وتجنب نواهيه
ويذهب فرويد الى أبعد من البرهنة على أن الدين  وهم 
 فيقول ان ألدين خطر لأنه يميل الى تقديس مؤسسات إنسانية سيئة تحالف معها على
مر التاريخ ، وفضلا عن ذلك فان ما يقوم به الدين من تعليم الناس الاعتقاد
فى وهم  وتحريم ا لتفكير النقدي تجعله مسئولا عما أصاب العقل من
إملاق 
٠ اذ يستطيع فرويد آن يبين فى عمله التحليلي آن كبت التفكيرالنقدى في نقطة معينة يؤدى الى افقار قدرة الشخص النقدية في مجالات أخرى من التفكير ومن ثم يعوق قوة العقل

و الإعتراض الثالث الذى يعترض به فرويد على الدين هو انه يضع الأخلاقية على أسس مهزوزة أشد الاهتزاز  فاذا كانت صحة المعايير الآخلاقية تستند على كونها أوامر من الله فان مستقبل الأخلاق ينهض آو يتداعى مع الإعتقاد فى الله
ولما  كان فرويد يفترض ان الاعتقاد الديني في سبيله الى الانحلال فانه مرغم على ان الارتباط المستمر بين الدين والأخلاق سوف يحطم قيمنا الأخلاقية
وفيما يخص رأى يونج في الدين
(بالرغم أن اعتقاد فرويد ان الاعتقاد الدينى فى سبيله إلى الإنحلال شأن فرويد بمفرده)
  
وقد استعرض فروم رأى يونج فى الدين حيث قال أن يونج قام بمناقشة المبادئ  لعامه لمنهجه 
 فعلى حين يتناول فرويد المشكلة رغم أنه ليس فيلسوفا محترفا من زاوية نفسية وفلسفية  كما يتناولها
وليم جيمس وديوي يقول يونج فى  كتابه :
حصرت نفسى في ملاحظة الظواهر وامتنعت عن استخدام اى اعتبارات فلسفية
ثم يمض شارحا بوصفه عالما نفسيا كيف يستطيع تحليل الدين دون استخدام الاعتبارات الفلسفية ويصف موقفه بأنه ظاهري 
أي أنه معنى بالأحداث  والحوادث والتجارب أي بالحقائق الواقعة إذا شئنا استخدام كلمة واحده
 فان تحدث علم النفس مثلا عن  الدافع الى ولادة العذراء لم يهتم إلا بواقعة وجود مثل هذه الفكرة ولكنه لا يهتم بمسالة ما اذا كانت

هذه الفكرة صادقة آو كاذبة بأي معنى أخر  فهي صادقة من الناحية النفسية مادامت موجودة وبالرغم من ان موقف يونج يبدو على السطح مؤيد للدين اكثر من موقف فرويد إلا أن في جوهره معارض للأديان
 لأن اليهودية والمسيحية والبوذية تعد طموح الإنسان إلى الحقيقة واحدا من فضائل الإنسان وواجباته وتصر على أن عقائدها سواء وصلنا لها بالوحى أو بقوة العقل وحده فهى تظل خاضعه لمعيار الصدق الذى يغفله يونج 
و الخبره الدينيه عند يونج هى الخضوع لقوة اعلى سواء اطلقنا عليها اسم الإله أو اللاشعور
واذا اردنا تلخيص موقف كل من فرويد ويونج على التوالى 
قلنا ان فرويد يعارض الدين باسم الأخلاق وهو موقف نستطيع أن نصفه بأنه دينى على حين يهبط يونج بالدين فيحيله الى ظاهره نفسية ويرفع اللاشعور فى الوقت نفسه فيجعله ظاهره دينية 
يتبع ....

16‏/12‏/2013

هلاوس ليلية (7)




عندما نقوم بإعتناق فكرة ما لا يعنى أن تملىء عقولنا فحسب بل يجب أن تملىء قلوبنا أيضا


و إلا سوف نصطدم بأننا رافضين لهذه الفكره اذا طُبقت علينا او نتصرف عكسها احيانا
 وذلك لاننا لم نكن ممتلئين بها حق الإمتلاء 

كانت راسخه فى عقولنا تحت مسمى موروثات ثقافية أو (علمونا كده) أو
 (اتعودنا على كده ) 
ولكننا لم نقم بالبحث الكافى عنها او إختبارها لكى نتبناها (داخليا)
هى فى عقولنا ولكنها ليست جزء من تكويننا الداخلى

وهذا السبب وراء ترديدنا شعارات وأفكار لمجرد أننا (إعتدنا) على إنها جزء من الأيدلوجية المحترمه المتعارف عليها بين الناس

 لكنها فى الواقع لاتمت بصلة لما نشعر به حقا لقد كانت فى رؤوسنا دون أدنى إرتباط بقلوبنا ومن ثم دون أدنى تأثير على تصرفاتنا مما يجعلنا غير متسقين مع ذواتنا وكأننا نلعب أدوار على المسرح طوال الوقت

ولقد ذكر إيريك فروم أفكار مماثلة فى كتابه (الدين والتحليل النفسى )قائلا:
  أن الإعتقاد الذاتى ليس معيارا كافيا فمن الممكن أن يعتقد شخص ما إنه يتصرف مدفوعا بإحساس العداله ومع ذلك يكون مدفوعا بإحساس القسوة 

ومن الممكن أن يعتقد إنه مدفوع بالحب ويكون مع ذلك عنده رغبة ملحة للإعتماد الماسوشى على غيره

وممكن أن يعتقد شخص ما ان الواجب هو مرشده على حين أن دافعه الرئيسى هو الغرور


او نحسب الرغبة ايمانا 


أو أن نؤخذ لمحة من الحقيقة خطئا على انها التحقق الكامل 

وأولئك الذين يتظاهرون بالدين دون أن يمارسونه يمكن ان يؤخذوا خطئا على انهم عابدون حقيقيون 

ويمكن أن يأخذ عبيد الشهوات خطئا على انهم اساطين اليوجا الذين حرروا أنفسهم من كل القوانين التقليدية 

 وفى الواقع ان معظم التبريرات يعتقد الشخص الذى يستخدمها انها صادقة وهو لا يريد من الأخرين ان يؤمنوا بتبريراته فحسب بل إنه يؤمن بها هو نفسه 
وكلما أراد أن يحمى نفسه من إدراك دافعه الحقيقى كان ايمانه بها اشد حرارة 

14‏/12‏/2013

الدين و الإله والتحليل النفسى (1)


بداية سوف أستعرض رأى فرويد فى المذاهب الدينيه الذى تحدث عنه بإستفاضه فى كتابه
 (مستقبل وهم) 
 بدا لى فرويد في هذا الكتاب وكأنه يقوم بلعب الدور والدور العكسى في سيكودراما علاجيه
 فنجده تارة يقوم بدور الكاتب وتارة يقوم بدور الناقد ومرة يقوم بدور القاضى ومرة أخرى يقوم بدور الجلاد مما أعطانى إنطباع وكأنه لا يثق بما يقول أو يحاور نفسه أكثر مايحاور قرائه  !!!!
أثارتنى الدهشه عندما وجدت ( أبو علم النفس) يلجأ للمره الثانيه لإيصال أفكاره بين ثنايا السطور وليس بصراحة ووضوحا كافيين لدرجة تجعل حديثه صعب الفهم احيانا!
فقد كانت أول مرة يتبع فيها هذا الأسلوب فى كتابه (موسى والتوحيد) حيث كان مرتع للدوران حول أفكار لما يذكرها جلية!
ولكن قد زالت دهشتى بعد فتره عندما وجدته خلال الكتاب يصرح بإنه قلق بالفعل على مستقبل التحليل النفسى من التأثر بشظايا معركة الدين أو رذاذها التى يعرضها فى كتاباته وأن كتاباته لن تتسبب فى سلب العقيده الدينيه لأحد فى محاولة منه لعدم استفزاز مشاعر المتعصبين
ولكنى سوف أتعرض لما بات واضحا بين ثنايا سطوره
فإذا أردنا وضع عنوان رئيسى لما قاله فرويد فسوف يكون :
 ليس ثمة سلطة تعلو فوق سلطة العقل ، ولا حجة تسمو على حجته

هذه كانت نقطة انطلاق فرويد الجذرية في التصدي لمشكلة الدين وعلاقته بالحضارة ومستقبله على ضوء المستتبعات الفلسفيه حيث انه بداية حاول ان يلقى الضوء على علاقة الدين بالحضاره وكيف ان السيطره على الغرائز عن طريق المذاهب الدينيه (التي أسماها أوهاما فيما بعد) تؤدى الى قيام الحضاره حيث ان القتل والسرقه سوف تنتشر في المجتمع طالما لا يوجد رادع دينى ولو حطمت القيود التي تفرضها الحضاره فلن يكون غير لإنسان واحد ان يتمتع بسعاده غير محدوده هو الديكتاتور وهذا الوضع ليس بالجديد في رأى فرويد حيث ان له نموذج بدئى طفلى لا يعدو ان يكون في الواقع استمرار له فقد سبق ووجدنا انفسنا في ضائقه مماثله عندما كنا صغارا في مواجهة اهالينا وان كنا متأكدين في الوقت نفسه من حمايتهم لنا من الاخطار
 ثم تحدث عن العلاقه الطرديه بين تعزيز الأنا الأعلى لدى الفرد وسعيه لدعم الثقافه وبالتالي نهضة الحضارة ثم ينتقل من الجردة النفسية للحضارات الى افكارها الدينيه او (اوهامها الدينيه) على حد تعبيره
وذهب فرويد الى وجوب وهن الأساس الذى تقوم عليه المذاهب الدينيه وذلك لأننا نعتبرها من التابوهات التي يحرم الحديث فيها فلو كان الأساس قوى  لكانت الماده الضرورية الخاصه بالمعتقدات الدينيه في متناول كل من يريد الوصول الي اقتناع شخصى
كما لو ذهبنا الى اننا نؤمن كما اّمن اسلافنا فهؤلاء الاسلاف كانوا اشد جهلا منا بكثير وكانوا يؤمنون بأشياء قد يتعذر اليوم قبولها
 واذا امنا بسبب وجود الأدلة والبراهين التي يعود تاريخها الى هذه الأزمنة بالتحديد فهذه الأدلة والنصوص تعج بالتناقضات والمراجعات والتدليسات ولا يمكن الوثوق بها
 وينبغي الان ان نشير الى محاولتين تدللان على مجهود للتخلص من هذه المشكلة
الأولى هي قانون اّباء الكنيسة عن الإيمان وهو ما يذهب ان الايمان لا يخضع لقوانين العقل والمنطق ولكن الإحساس بحقيقتها لابد ان يكون داخليا
والرد على هذا انه اذا كانت حقيقة المذاهب مرهونة بحدث داخلي فما العمل بجميع أولئك الناس الذين لا يقع لهم مثل هذا الحدث الداخلي ؟ واذا كان هذا حدث لك فيم يمكن ذلك ان يهم الأخرين؟

أما المحاولة الثانية فهي محاولة فلسفة (كما لو أن) أي نتصرف كما لو أننا نؤمن بهذه التخيلات والأوهام وذلك بسبب أهميتها في الحفاظ على المجتمعات البشرية وصيانتها وحتى هذه المحاولة فاشله لان الانسان الذى لا يتأثر بفكرة شعوذة الفلسفة فلا يمكنه ابدا ان يسلم بذلك لأن الأمر مخالف للعقل

ولذلك ونحن نتحدث عن التكوين النفسي للأفكار الدينية فهذه الأفكار التي تطرح نفسها على انها معتقدات ليست خلاصة التجربة او النتيجة النهائية للتأمل ولكنها مجرد أوهام وليست خطأ لان يوجد فرق بين الخطأ والوهم حيث ان الخطأ لا يمكن ان يكون صحيحا ولكن الوهم من الممكن أن يكون صحيح وبهذا يكون فرويد عرف المذاهب الدينية بصفتها أوهاما في طبيعتها السيكولوجية
المذاهب الدينية ليست كأي موضوع يستعرض فيه المرء عضلاته الفكرية حيث ان على أساس هذه المذاهب تقوم الحضارة وشرط بقاء المجتمع الإنسانى ان تؤمن الغالبية بها ولو أدخلنا في أذهان الناس أنه لا وجود لا لإله عادل ولا نظام إلهي في الكون لأحسوا أنهم معفون من كل التزام بالامتثال لقوانين الحضارة وأطلق العنان لغرائزه الاجتماعية
فالعديد من الأدميين يجدون في المذاهب الدينية عزائهم وما كانوا ليتحملوا الحياة لولا هذا الغوث وانت بالتشكيك في هذه المذاهب تريد أن تسحب من تحت أقدامهم هذا السند دون تقديم مقابل أفضل

ويشبه فرويد البشرية وهى تمر بجملتها اثناء تطورها وارتقائها بحالات مشابهه للعصاب فما كان للبشرية في عصور الجهل والضعف الفكري التي مرت بها في البداية ان تتخلى عن الغرائز بالمقدار الذى تستجوبه حياة البشر المشتركة الا بفضل قوى وجدانية خالصة وتلبث عصارة هذه المساعي والجهود المشابهة للكبت والتي جرت في عصور ما قبل التاريخ تلبث على قيد الوجود لحقبة مديدة من الزمن بوصفها جزء لا يتجزأ من الحضارة
 هكذا يمكن القول ان الدين هو عصاب البشرية الوسواسى العام ولكن لدى قدر من التفاؤل لكى اؤمن بأن البشرية ستتغلب على هذه المرحلة العصابية
يتبع....

fafy music