جميع حقوق النشر محفوظه ولا يجوز إستخدام أى من هذه المواد المنشوره أو نسخها إلا بإذن خطى من الناشر

09‏/01‏/2014

الدين و الإله و التحليل النفسى (3)



ميز ايريك فروم بين شكلين من اشكال الدين الدين الإنساني والدين التسلطي
فما مبدأ الدين التسلطي ؟؟
إعتراف الانسان بقوة عليا غير منظورة تتحكم في مصيره ولها عليه حق الطاعة والعبادة والتبجيل بسبب القوة التي تمارسها في إشارة ان الطاعة والتبجيل
 لا يمكن في صفات الإله الأخلاقية في الحب والعدل وانما في ان لها السيطرة
كما انها تبين ان هذه القوة لها الحق في ارغام الانسان على عبادتها وان التقصير في التبجيل يعد اثما كما يتصور الإله على انه شامل القدرة محيطا علما بكل شيء فكذلك يتصور الانسان على انه عاجز ,تافه الشأن ولا يشعر بالقوة الا بمقدار ما يكتسب من فضل الإله ومعونته عن طريق الاستسلام التام
 والاستسلام التام لسلطه قوية هو احد السبل التي يستطيع بها الانسان ان يهرب من شعوره بالوحدة والمحدودية ويكتسب الشعور بأن قوة مهيبة تحميه بحيث يصبح جزءا منها والإله في الدين التسلطي رمز للقوة والجبروت
والانسان الى جواره (لاحول له ولا قوة ) ولمثل هذه المثل العليا كالحياة بعد الموت او مستقبل الإنسانية يمكن ان يضحى بحياة وسعادة الأشخاص الذين يعيشون هنا والأن
 وهذه الغايات المزعومة تبرر كل الوسائل وتصبح رموزا تتحكم باسمها (الصفوة)الدينية او الدنيوية في حياة إخوانهم من البشر

وعلى العكس من ذلك يدور الدين الإنساني
حول الانسان وقوته فعلى الإنسان ان ينمى قدرة عقله كما يفهم نفسه وعلاقته بغيره من الناس وموضعه من الكون كما ينبغي عليه ان يعرف الحقيقة فيما يتعلق بحدوده او إمكانياته على السواء وعليه ان ينمى قدراته على حب الاخرين ولابد ان تكون له مبادئ ومعايير ترشده الى هذه الغاية
 والتجربة الدينية في هذا النوع من الدين هي تجربة الاتحاد بالكامل وهدف الانسان في الدين الإنساني هو ان يحقق اكبر قدر من القوة لا اكبر قدر من العجز  والفضيلة هي تحقيق الذات لا الطاعة والايمان هو يقين الاقتناع المؤسس على تجربة المرء في مجال الفكر والشعور لا على تصديق قضايا وفقا لذمة التقدم بها والمزاج السائد فيها هو الفرح على حين ان المزاج السائد في الدين التسلطي هو الحزن والشعور بالذنب
ويضرب فروم مثلا للأديان الإنسانية البوذية المبكرة, والطاوية , وتعاليم المسيح , وسقراط واسبينوزا وبعض الاتجاهات في الديانتين اليهودية والمسيحية ودين العقل الذى نادت به الثورة الفرنسية
(ولا يقطع التمييز بين الدين التسلطي والدين الإنساني خلال مختلف الأديان بل يمكن ان يكون داخل دين واحد بعينه وترائنا الديني خير دليل على ذلك )
(ويقصد فروم بهذا ان من الممكن ان يوجد في الدين الواحد أوامر إنسانية واوامر تسلطية أي لا يقصد فروم ان يوجد دين بعينه تسلطي او أنساني بشكل كامل )
الإستهلال في العهد القديم مكتوب بروح الدين التسلطي وصورة الاله هي صورة الحاكم المطلق لقبيله ابوية خلق الانسان وفق هواه ويستطيع ان يحطمه تبعا لمشيئته وقد حرم من ان يأكل من شجرة معرفة الخير والشر وهدده بالموت ان هو عصى الأمر
وكذلك فى القرءان يقول الله تعالى :
 (34) وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37
ويوضح النص توضيحا لمزيد عليه خطيئة الإنسان :انها التمرد على امر الإله
,انها العصيان وليست الخطيئة متأصلة في فعل الأكل من شجرة المعرفة بل على العكس جعل التطور الديني الذى اتى بعد ذلك جعل معرفة الخير والشر هي الفضيلة الرئيسية التي يطلع اليها الانسان كما أوضح النص أيضا دافع الإله : انه الحرص على دوره الأسمى والخوف الغيور من ادعاء الإنسان انه ند له
ويذهب فروم ان الإله ينبغي ان يفي بوعوده كما ينبغي على الانسان ان يفي بها فإذا كان الإله لا يستطيع ان يضع حدا لعذاب الانسان كما وعد فمن حق الانسان ان يتحداه بل ان يجبره في الواقع على الوفاء بوعده
(وان كنت أتساءل عن الكيفية التي من الممكن ان يتم بها هذا التحدي وما مدى نتائجها ؟؟
اما كون المسيحية المبكره ذات نزعه إنسانية لا تسلطية فأمر واضح من تعاليم المسيح ونصوص هذا التعاليم جميعا ومبدأ المسيح القائل بأن
 (ملكوت الرب في داخلك )
هو التعبير البسيط الواضح عن التفكير غير التسلطي
وهو ما يؤكده الإسلام أيضا حيث قال الله تعالى :
(انا عن ظن عبدى بي ان ظن بي خيرا فله وان ظن بي شرا فله )
وهذا يدل على ان الله في قلوبنا
ولكن لما تمضى مائة عام وأصبحت المسيحية دين أولئك الذين يحكمون الإمبراطورية الرومانية حينذاك ساد الاتجاه التسلطي في المسيحية ولم يكف الصراع بين ذلك قط بين المبادئ التسلطية المبادئ المسيحية
وهو أيضا ما نعيشه الأن كعالم إسلامي ممزق بين التشدد والاعتدال وبين الترغيب والترهيب
وتكملة لرأى إيريك فروم في الإله قد قال أن الإله في الدين الإنساني صورة لذات الإنسان العليا ورمز على ما يمكن أن يكون عليه الإنسان أو ماينبغى أن يؤول إليه ,نرى الإله قد أصبح في الدين التسلطي المالك الوحيد لما كان يملكه الإنسان أصلا أعنى العقل والحب وكلما كان الإله أكمل كان الإنسان أنقص
 إنه (يسقط)أفضل ما عنده على الإله  ومن ثم يفقر نفسه وهكذا يملك الإله كل الحب وكل الحكمة وكل العدل في حين أن الإنسان بدأ يشعر بالضالة وأصبح عاجزا تماما لا حول له ولا قوة وأسقط قواه كلها على الإله وطريقة (ميكانزيم) الاسقاط هذه هي نفسها ما يمكن ملاحظته في العلاقات الشخصية المتبادلة التي يقيمها ذات الطابع الخانع المشوب بالماسونية حيث يرهب شخص شخصا أخر وحيث يعزو قدراته الخاصة وتطلعاته الى الشخص الأخر,
 وهو نفس الميكانزيم الذى يجعل الناس يخلعون على الزعماء ذوى المذاهب الممعنة في اللاإنسانية صفات الحكمة الخارقة والعطف وهذا الاغتراب لا يجعل الانسان معتمدا على الإله اعتمادا ذليلا فحسب بل يجعله شريرا أيضا ٍاذ يصبح الإنسان بلا ثقة في اخوانه من البشر ولهذا يحدث الانفصال بين المقدس والدنيوي



يتبع ....

0 مستعده أن أضحي بنفسي من أجل حقك في أن تقول رأيك ".:

إرسال تعليق

fafy music