جميع حقوق النشر محفوظه ولا يجوز إستخدام أى من هذه المواد المنشوره أو نسخها إلا بإذن خطى من الناشر

14‏/12‏/2013

الدين و الإله والتحليل النفسى (1)


بداية سوف أستعرض رأى فرويد فى المذاهب الدينيه الذى تحدث عنه بإستفاضه فى كتابه
 (مستقبل وهم) 
 بدا لى فرويد في هذا الكتاب وكأنه يقوم بلعب الدور والدور العكسى في سيكودراما علاجيه
 فنجده تارة يقوم بدور الكاتب وتارة يقوم بدور الناقد ومرة يقوم بدور القاضى ومرة أخرى يقوم بدور الجلاد مما أعطانى إنطباع وكأنه لا يثق بما يقول أو يحاور نفسه أكثر مايحاور قرائه  !!!!
أثارتنى الدهشه عندما وجدت ( أبو علم النفس) يلجأ للمره الثانيه لإيصال أفكاره بين ثنايا السطور وليس بصراحة ووضوحا كافيين لدرجة تجعل حديثه صعب الفهم احيانا!
فقد كانت أول مرة يتبع فيها هذا الأسلوب فى كتابه (موسى والتوحيد) حيث كان مرتع للدوران حول أفكار لما يذكرها جلية!
ولكن قد زالت دهشتى بعد فتره عندما وجدته خلال الكتاب يصرح بإنه قلق بالفعل على مستقبل التحليل النفسى من التأثر بشظايا معركة الدين أو رذاذها التى يعرضها فى كتاباته وأن كتاباته لن تتسبب فى سلب العقيده الدينيه لأحد فى محاولة منه لعدم استفزاز مشاعر المتعصبين
ولكنى سوف أتعرض لما بات واضحا بين ثنايا سطوره
فإذا أردنا وضع عنوان رئيسى لما قاله فرويد فسوف يكون :
 ليس ثمة سلطة تعلو فوق سلطة العقل ، ولا حجة تسمو على حجته

هذه كانت نقطة انطلاق فرويد الجذرية في التصدي لمشكلة الدين وعلاقته بالحضارة ومستقبله على ضوء المستتبعات الفلسفيه حيث انه بداية حاول ان يلقى الضوء على علاقة الدين بالحضاره وكيف ان السيطره على الغرائز عن طريق المذاهب الدينيه (التي أسماها أوهاما فيما بعد) تؤدى الى قيام الحضاره حيث ان القتل والسرقه سوف تنتشر في المجتمع طالما لا يوجد رادع دينى ولو حطمت القيود التي تفرضها الحضاره فلن يكون غير لإنسان واحد ان يتمتع بسعاده غير محدوده هو الديكتاتور وهذا الوضع ليس بالجديد في رأى فرويد حيث ان له نموذج بدئى طفلى لا يعدو ان يكون في الواقع استمرار له فقد سبق ووجدنا انفسنا في ضائقه مماثله عندما كنا صغارا في مواجهة اهالينا وان كنا متأكدين في الوقت نفسه من حمايتهم لنا من الاخطار
 ثم تحدث عن العلاقه الطرديه بين تعزيز الأنا الأعلى لدى الفرد وسعيه لدعم الثقافه وبالتالي نهضة الحضارة ثم ينتقل من الجردة النفسية للحضارات الى افكارها الدينيه او (اوهامها الدينيه) على حد تعبيره
وذهب فرويد الى وجوب وهن الأساس الذى تقوم عليه المذاهب الدينيه وذلك لأننا نعتبرها من التابوهات التي يحرم الحديث فيها فلو كان الأساس قوى  لكانت الماده الضرورية الخاصه بالمعتقدات الدينيه في متناول كل من يريد الوصول الي اقتناع شخصى
كما لو ذهبنا الى اننا نؤمن كما اّمن اسلافنا فهؤلاء الاسلاف كانوا اشد جهلا منا بكثير وكانوا يؤمنون بأشياء قد يتعذر اليوم قبولها
 واذا امنا بسبب وجود الأدلة والبراهين التي يعود تاريخها الى هذه الأزمنة بالتحديد فهذه الأدلة والنصوص تعج بالتناقضات والمراجعات والتدليسات ولا يمكن الوثوق بها
 وينبغي الان ان نشير الى محاولتين تدللان على مجهود للتخلص من هذه المشكلة
الأولى هي قانون اّباء الكنيسة عن الإيمان وهو ما يذهب ان الايمان لا يخضع لقوانين العقل والمنطق ولكن الإحساس بحقيقتها لابد ان يكون داخليا
والرد على هذا انه اذا كانت حقيقة المذاهب مرهونة بحدث داخلي فما العمل بجميع أولئك الناس الذين لا يقع لهم مثل هذا الحدث الداخلي ؟ واذا كان هذا حدث لك فيم يمكن ذلك ان يهم الأخرين؟

أما المحاولة الثانية فهي محاولة فلسفة (كما لو أن) أي نتصرف كما لو أننا نؤمن بهذه التخيلات والأوهام وذلك بسبب أهميتها في الحفاظ على المجتمعات البشرية وصيانتها وحتى هذه المحاولة فاشله لان الانسان الذى لا يتأثر بفكرة شعوذة الفلسفة فلا يمكنه ابدا ان يسلم بذلك لأن الأمر مخالف للعقل

ولذلك ونحن نتحدث عن التكوين النفسي للأفكار الدينية فهذه الأفكار التي تطرح نفسها على انها معتقدات ليست خلاصة التجربة او النتيجة النهائية للتأمل ولكنها مجرد أوهام وليست خطأ لان يوجد فرق بين الخطأ والوهم حيث ان الخطأ لا يمكن ان يكون صحيحا ولكن الوهم من الممكن أن يكون صحيح وبهذا يكون فرويد عرف المذاهب الدينية بصفتها أوهاما في طبيعتها السيكولوجية
المذاهب الدينية ليست كأي موضوع يستعرض فيه المرء عضلاته الفكرية حيث ان على أساس هذه المذاهب تقوم الحضارة وشرط بقاء المجتمع الإنسانى ان تؤمن الغالبية بها ولو أدخلنا في أذهان الناس أنه لا وجود لا لإله عادل ولا نظام إلهي في الكون لأحسوا أنهم معفون من كل التزام بالامتثال لقوانين الحضارة وأطلق العنان لغرائزه الاجتماعية
فالعديد من الأدميين يجدون في المذاهب الدينية عزائهم وما كانوا ليتحملوا الحياة لولا هذا الغوث وانت بالتشكيك في هذه المذاهب تريد أن تسحب من تحت أقدامهم هذا السند دون تقديم مقابل أفضل

ويشبه فرويد البشرية وهى تمر بجملتها اثناء تطورها وارتقائها بحالات مشابهه للعصاب فما كان للبشرية في عصور الجهل والضعف الفكري التي مرت بها في البداية ان تتخلى عن الغرائز بالمقدار الذى تستجوبه حياة البشر المشتركة الا بفضل قوى وجدانية خالصة وتلبث عصارة هذه المساعي والجهود المشابهة للكبت والتي جرت في عصور ما قبل التاريخ تلبث على قيد الوجود لحقبة مديدة من الزمن بوصفها جزء لا يتجزأ من الحضارة
 هكذا يمكن القول ان الدين هو عصاب البشرية الوسواسى العام ولكن لدى قدر من التفاؤل لكى اؤمن بأن البشرية ستتغلب على هذه المرحلة العصابية
يتبع....

0 مستعده أن أضحي بنفسي من أجل حقك في أن تقول رأيك ".:

إرسال تعليق

fafy music